تعريف مفهوم الذات في علم النفس
إدراكك نحو مفهوم الذات وما تشمله من أفكار ومعتقدات يُعد من أهم سُبل الانسجام بينك وبين أفراد المجتمع، هل تحدثت مع ذاتك من قبل لتعلَم من أنت؟
ما هو مفهوم الذات في علم النفس (الصورة الذاتية)؟
يتضمن مفهوم الذات الفكرة المتكاملة عنك فيما يشمل الجانب الاجتماعي والعاطفي والروحي، وكذلك الجسدي والعديد من الجوانب الأخرى التي تُبنى عليها هويتك، ووفق ما ورد عن عالِم النفس الاجتماعي (روي بوميستر) فإن إدراك الذات هو تعرُف الأشخاص على أنفسهم وملاحظة أحوالهم الداخلية واستجابتهم لها بجانب الانتباه لسلوكهم الخارجي، ومن خلال التعرف على مفهوم الذات بشكلٍ وافٍ يتمكن الأشخاص من جمع المعلومات عن أنفسهم مما يساعد على تطورهم اجتماعيًا وثقافيًا ناهيك عن خلق هيكل ديناميكي متشابك ومتأثر بدوافع الأفراد وميولهم.
ما هي الذات في القرآن الكريم ؟
قال الله تعالى في سورة الأنفال “فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ”، ذُكر تعريف الذات في الآية الكريمة بمعنى الذات الخارجية وتعني كل ما هو من شأنه أن يحقق التوافق والتسامح والود مع الآخرين وإزالة البغض والتقاطع، وذكر كذلك في سورة التغابن”وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ” والذات هنا تحمل معنى الذات الداخلية.
مما يتكون مفهوم الذات؟
أقر مؤسس علم النفس الإنساني (كارل روجرز) أن تعريف الذات الإنسانية يتضمن ثلاثة محاور أساسية وهي على النحو الآتي:
الصورة الذاتية
تعرف الصورة الذاتية بأنها الطريقة التي ترى بها ذاتك فيما يشمل الوجه الجسدي والدور الاجتماعي والسمات الشخصية، ومن الجدير بالذكر أن الصورة الذاتية لا تتطابق دومًا مع الواقع الذي يعيشه الشخص فبعض الأفراد يبالغون بتصورهم نحو بعض الخصائص، وقد تكون تلك التصورات المبالغ بها سلبية أو إيجابية تجاه سمة محددة من سِمات الذات.
احترام الذات
يشير إلى احترام الذات بالقيمة التي نحددها لأنفسنا ومدى تقبلنا لها، ويتأثر احترام الذات بالعديد من العوامل ومنها المقارنة الدائمة بالآخرين وكذلك الكيفية التي يتبعونها نحونا، وردود الأفعال الناتجة عن ترفاتنا في الحياة اليومية وكذلك في المواقف المختلفة.
الذات المثالية
مصطلح الذات المثالية يعني الذات العُليا التي نُفضل جميعًا أن نكون عليها فهي الشخصية المثالية أو الشخصية المرغوبة، وتتضمن الصفات والسمات التي نرغب بامتلاكها، وأضاف (كارل روجرز) أنه من الممكن أن يكون هناك تطابق أو تعارض بين الصورة الذاتية والذات المثالية، ويعني التطابق أن هناك بضع من التداخل بينهما ولكن من الصعب أن يكون تلك التطابق بشكل تام ومتكامل، بالنسبة للتطابق الأكبر فإنه يمنح الشخص القدرة على تحقيق الذات، أما التناقض بين الصورة الذاتية والذات المثالية يعني وجود تناقض واضح بين الذات وخبرات الشخص الحياتية، مما يسبب شعور الشخص بالارتباك الداخلي ومن ثم يصعب تحقيق الذات لعدم فهمها من الأساس.
ما هي مراحل تطور مفهوم الذات؟
تبدأ المرحلة الأولي من مراحل تطوير مفهوم الذات في الطفولة المبكرة حتى مرحلة المراهقة، حيث يمثل الوقت ما بين المرحلتين هو أكثر الأوقات نموًا وتطورًا لإدراك ماهيتَهم والسعي وراء تطوير الذات.
مرحلة الطفولة
يتكون مفهوم الذات لدى الأطفال بدءًا من عمر عامان فيبدئون بتميز أنفسهم وعند بلوغهم عمر ثلاثة أو أربع أعوام، يستطيعون فهم أنهم ذوات منفصلة وخاصة عن الوالدين، وبتلك المرحلة تتكون صورة الطفل الذاتية وتُصبح وَصفية على نحو كبير وفي الغالب تتركز على الخصائص الجسدية أو التفاصيل الملموسة، كما يوجه الأطفال الاهتمام المتجلي نحو قدراتهم، وبحلول عمر 6 سنوات يستطيع الأطفال إيضاح ما يُريدونه بسهولة، كما يمكنهم التعرف على أنفسهم من حيث الفئة الاجتماعية المنضمين إليها، وتكمن الصورة الكاملة عند بلوغ سِن العاشرة، وهي مرحلة الطفولة المتوسطة فيبدأ الطفل في إجراء مقارنات اجتماعية مع تصور آراء الآخرين نحوه.
خصائص تلك المرحلة
- تصبح أوصاف الطفل أكثر اتزانًا بتلك المرحلة وأكثر تجردًا من كل الأحكام.
- تنمية الذات المثالية والحقيقية.
- وصف الذات بالكفاءات بدلًا من السلوكيات المحددة، فيتجه الأطفال لوصف أنفسهم وليس فقط للتفاصيل الملموسة بل وفقًا لقدراتهم الخاصة.
- تنمية الحِس الشخصي لمفهوم الذات، وتتمثل في إدراك الطفل أن صفاته متواجدة بسلسة متصلة في هذه المرحلة، ومن ثم تبدأ الذات المثالية والصورة الذاتية في التطور.
مرحلة المراهقة
يمكن وصف مرحلة المراهقة بأنها الفترة الأساسية لمفهوم الذات، وفي المطلق يصبح الانطباع الذاتي للشخص عن نفسه بتلك الفترة هو الأساس لمفهوم الشخص لذاته حتى أرذل العمر، فمن الجدير بالذكر أن خلال سنوات المراهقة يختبر الأشخاص أدوارًا وشخصيات متنوعة وينتج عن ذلك تأثر الذات الإنسانية بالنجاح.
هل يمكن تغيير مفهوم الذات؟
مَن منا لا تتغير وجهة نظره نحو ذاته، فالقاعدة الوحيدة الثابتة هي التغيير حيث أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر بشكل قوي على التعرف على الذات، وفهم الذات ليس أمرًا ثابتًا ومن هنا يتمثل الدور الفعال في البيئة التي يولد بها الشخص بما تحمله من معاني وكذلك المجتمع المتمحور حول الفرد، وخير مثال على ذلك الأشخاص الذين يتولون مناصب قيادية، فيمكنهم أن ينثروا تأثيرهم نحو المجتمع بشكل عام مما يغير من تعريف الذات لدى الكثيرين.
أظهرت العديد من دراسات علم النفس أن هناك علاقة طردية بين مفهوم الذات والصحة النفسية للشخص، حيث ينتج عن عدم تقبل الذات ورفضها الإصابة ببعض الأمراض النفسية وتشمل القلق والاضطرابات النفسية.