معلومات إسلامية

ماهي مقاصد الصيام ولماذا فرض الله علينا صيام 30 يوماً؟

للصيام فائدة كبيرة على النفس والجسد، ومن خلاله يَسير المؤمن على طريق التقرُب من الله، فما هي مقاصد الصيام؟ وما أنواعه؟

ما هي مقاصد الصيام في الإسلام؟

شرع الله سبحانه وتعالى الصيام لهذه الأمة كما شرعه لغيرها من الأمم، لذلك يعتبر الصيام أمراً عظيماً بلا شك كونه من ضمن الشرائع التي تشتمل على المصلحة للخلق في كل زمان، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، لذا فإن أصل الصيام وجوهره شيء واحد، ألا وهو منع النفس عن الهوى غشية الله تعالى، أما عن مقاصد الصيام فهي كـ الآتي:

حفظ جسد المسلم من الإصابة بالأمراض

يحفظ الصيام جسد العبد ويحميه من الأمراض التي يمكن أن تُصيبه بسبب التُخمة وكثرة الطعام، فإن المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الترمذي.

الصيام يُحصن النفس من الأخلاق الرديئة

إذا شبع الإنسان تحركت شهوته، وتحكم الشيطان في نفسه وقاده إلى المعاصي، لذلك فـ الشبع أصل كل مفسدة، وشهوة البطن تُذهب بصاحبها لـ كل سوء، فقال القرطبي: (كلما قلَّ الأكل ضعفت الشهوة وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي)، وكما ذَكر جابر بن عبد الله (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك سكينة ووقار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء) فإن الصوم يحفظ للعبد جوارحه.

ضبط الإرادة والتحكم بـ النفس

فـ الصائم إذا ثارت شهوته ضبطها، وإن تحرك هواه أسكنه وألجمه بلجام التقوى والورع، أما غير الصائم فهو منقاد لشهوته وخادماً لهواه، فـ ذُكر في الحديث الشريف: (ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) روي في الصحيحين.

تقوى الله

التقوى هي أعظم مقاصد الصَوم، والصيام من أكبر أسباب تحصيلها، فمن صام الصوم الصحيح الذي يرضى الله ورسوله، لابد له أن يُحصل التقوى فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، فـ التقوى هي العزم الذي ينبغي على كُل مسلم أن يحصُل عليه، لينجوا بقلبه مم مفاتن الدُنيا.

الوصول إلى درجة الإحسان

درجة الإحسان هي أعلى مراتب الدين، الذي يجعل من الفرد أن يَغُض بصره ويمنع نفسه عن كل ما يُبعده عن المولى سبحانه، فـ الصائم صومه كله مراقبة للنفس كونه لا ينظر للطعام وهو في أشد حالات الجوع، ولا ينظر للماء وهو يكاد يهلك من العطش ولا يراه أحد من الناس، فما يمنعه من تناول الطعام أو الماء إلا أنه يعلم أن الله يراه، لذلك لما سُئل الملاك جبريل عليه السلام عن الإحسان قال: (أن تعبُد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، روي في الصحيحين ومتفق عليه.

لماذا فرض الله علينا صيام 30 يوماً؟

فَرض المولى عز وجل (صيام شهر رمضان) لـ حكمة عظيمة ألا وهي تقوى الله سبحانه وتعالى، فذكر الإمام بن كثير عن سبب صوم رمضان: (أن الصوم فيه تزكية للبدن، وتضييق لمسالك الشيطان)، وكما ذكرنا لكم من قبل فإن الصيام يصل بالإنسان لـ مرتبة التقوى والتي تجعل بين المؤمن وعذاب الله وقاية، لذلك لابد للصائم أن يلتزم بـ آداب الصوم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (الصوم جنة، فإذا صام أحدكم فلا يرفث ولا يفسق، وإن امرؤ سابه أو قاتله فليقل، إني صائم إني صائم) رواه البخاري.

ما هو جزاء من يصوم رمضان إيماناً واحتساباً؟

عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أعلمهم عن مسائل، فكان في ما سأله أنْ قال له: لأي شيءٍ فرض الله عز وجل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوماً وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي عليه أفضل الصلاة والسلام: (إنَّ آدم عليه السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوماً، ففرض الله على ذريته الجوع والعطش، والذي يأكلونه بالليل تفضُل من الله عز وجل عليهم، وكذلك كان على آدم، ففرض الله ذلك على أمتي، فقال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ)، فقال اليهودي: صدقت يا مُحمد، فما جزاء من صَامها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتساباً إلا أوجب الله عز وجل له سبع خصال أولها: (يذوب الحرام في جسده، والثانية لا يبعد من رحمة الله تعالى، والثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم، والرابعة يهون الله عزو جل عليه سكرات الموت، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة، والسادسة يُعطيه الله عز وجل براءة من النار، والسابعة يُطعمه الله من طيبات الجنة، فقالت اليهود: صدقت يا محمد).

ما هي درجات الصيام؟

للصوم ثلاث درجات لكل منهم فائدة تقرب العبد من الله أكثر فأكثر، ودرجات الصيام هي:

  • صوم العموم: ويُعرف بـ كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.
  • صوم الخصوص: وهو كف البصر والسمع واللسان وكافة الجوارح عن فعل المعاصي.
  • صوم خصوص الخصوص: وهو صوم القلب عن كل الأشياء الدنيوية التي تفسد القلب، وتجُر النفس إلى ما يعصي المولى سبحانه، لذلك فمن يَحسُن صيامه فيكون جزاءه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب أحد، فـ اللهم أجعلنا منهم وإياكم.

ما هي شروط الصيام؟

للصيام شروط يجب توافرها فـ الصائم، ليكون صومه مَقبولاً بإذن من الله، كـ (إسلامه، وطهارته، ورزانة عقله) بالإضافة إلى:

البلوغ

لا يُفرض الصوم على الصبي ولو كان مراهقاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة الصبي حتى يحتلم والنائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق) رواه أحمد وأبو داود، ولكن يجب على ولي الصبي أن يُعلم أبنه الصيام ليعتاد عليه شيءً فـ شيء.

القدرة

يتم استثناء الغير قادرين صحياً من الصيام، لأن من شروط الصيام مقدرة الشخص صحياً، فقال تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).

الإقامة والاستقرار

للمسافر أن يفطر رمضان ويقضي صومه بعد ذلك، لقول الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).

النية

وتُعد النية من أهم شروط الصيام، كما ذكر صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، وفي حديثاً أخر قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له) رواه النسائي.

الصيام في أياماً غير مُحرمة

فلا يجوز الصيام في يوم العيد، كـ أول أيام عيد الفطر على سبيل المثال.

ما هي المقاصد الصحية في الصيام؟

هناك العديد من التجارب والدراسات العلمية الحديثة، التي أثبتت أن للصيام منافع صحية لا تُقدر بثمن، فـ الصيام له القدرة على تقوية جهاز المناعة في الجسم، فبعد عدة تجارب أجريت على اشخاص قاموا بالصيام ثلاثون يوماً، وضحت نتائجهم الصحية تحسُن في المؤشرات الوظيفية للخلايا اللمفاوية عشرة أضعاف، كما زادت نسبة الخلايا المسؤولة عن المناعة النوعية زيادة كبيرة، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الأجسام المضادة في الجسم، كما أن للصيام دوراً فعالاً في الوقاية من مرض السمنة، كما يقي الصيام الجسم من تكون الحصوات على الكُلي، بالإضافة إلى أن الصيام يُخفف ويهدئ الغريزة الجنسية عند الشباب، وبذلك يقي الجسم من الاضطرابات النفسية ومن الانحرافات السلوكية، فقال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له رجاء).

ما هي مقاصد الصيام التربوية؟

تكمُن المقاصد التربوية للصيام في أنها تجعل الإنسان أكثر صبراً وتحمُلاً، كما يجعله يبتعد عن كل ما يغضب الله تعالى من الأقوال والأفعال، لذلك سمى صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بـ (شهر الصبر)، ومن ضمن المقاصد التربوية للصيام، تعزيز الوازع الديني في نفوس المسلمين، وبلوغهم لـ درجة الإحسان وتلك القيمة الإيمانية والتي من خلالها يرتقي الإنسان لـ مستوى الرقابة الذاتية على ضميره وتصرفاته، لذا فإن الصوم يُكسب صاحبه التحلي بـ ضبط النفس فلا يُقابل الإساءة بالإساءة.

ما هي مقاصد الصيام الاجتماعية؟

للصيام مقاصد اجتماعية تظهر في شكل تجمعات العائلات خلال هذا الشهر الكريم، كما يُساعد الصيام على زيادة التفاعل الاجتماعي وتبادل الزيارات وأنواع الطعام بين المسلمين، وهذا ما يترتب عليه تقوية الروابط الاجتماعية.

ما هي مقاصد الصيام الروحية؟

تتمثل المقاصد الروحية في الصيام، بوصول المسلم لـ التقوى وتطهير النفس من كل شوائب تعيق بينه وبين العمل الصالح ورضى المولى عز وجل، بالإضافة إلى السيطرة على شهوة الإنسان وتعوده على الصبر والشعور بمن أقل منه مادياً وما يُعانوه طوال شهور السنة مُحبرين وليسوا مُخيرين.

ما هي مقاصد الصيام التعبدية؟

تأتي مقاصد التعبدية للصيام في أن يصوم المسلم بوجه خالص للتقرب من الله سبحانه ونَيل جنته، لا لنية صحية ولا اجتماعية ولا حتى نفسية، بل الهدف الأساسي للصيام هنا هو التعبُد والتقرب من الله بفعل كل ما يرضيه، والبُعد عن كل ما يُبغضه.

ريهام النجار

طالما كانت الكتابة هي سبيلي الوحيد لإخراج كل خواطر نفسي في شكل كلمات تُعبر كل منها عن شعوراً داخلي.
زر الذهاب إلى الأعلى