من أين جئتم بدينكم؟ وكيف تكوّنت معتقداتكم؟
من أين جئتم بدينكم؟ الإسلام بدأ برسالةٍ واضحةٍ، لكن الزمن كشف عن جماعاتٍ ومذاهبَ تحمل أفكاراً ومعتقداتٍ مختلفةً، فما الذي أوصلها إلى هنا؟
من أين جئتم بدينكم؟ هل أنتم امتداد للإسلام أم انحراف عنه؟
الدين الإسلامي، كما نعرفه، بدأ برسالةٍ واحدةٍ واضحةٍ أُوحيت إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لكن مع مرور الزمن، ظهرت طوائفُ ومذاهبُ وجماعاتٌ متنوعةٌ، كلٌّ منها يرى نفسه جزءً من الإسلام أو مرتبطاً به بطريقةٍ ما، في هذا المقال، سنطرح أسئلةً استفهاميةً حول أصول هذه الجماعات التي تُطلق على نفسها اسم “مسلمة”، مثل الإسماعيليين، والعلويين، والدروز، والشيعة، واليزيديين، وغيرهم، من أين جاؤوا بدينهم؟ كيف تشكّلت معتقداتهم؟ وهل يمكن أن تتبع أصولهم إلى الرسالة المحمدية كما نعرفها؟
1- الشيعة: من أين بدأ الانقسام؟
الشيعة هم واحدٌ من أكبر الفروع الإسلامية، لكن من أين جاؤوا؟ هل بدأ الأمر فعلاً بعد وفاة النبي محمد مباشرةً؟ يقول الشيعة إن علي بن أبي طالب، ابن عم النبي وصهره، كان الخليفة الشرعي بعد النبي، ولكن لماذا لم يتم الإجماع على ذلك؟
هل كان هناك اختلافٌ سياسيٌّ تحول إلى دينيّ؟ كيف تطورت فكرة الإمامة عندهم؟ ولماذا أصبحت الإمامة لدى الشيعة الإثني عشرية، مثلاً، تعتمد على تسلسلٍ محددٍ من الأئمة ينتهي بالمهدي المنتظر؟ من أين جاء هذا التفسير؟ هل هو مستندٌ إلى نصوصٍ واضحةٍ من القرآن والسنة، أم أن التاريخ والظروف لعبت دوراً في صياغته؟
ولماذا يطعنون في عرض النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟ هل الإسلام الذي تعلمناه هو إسلام الطعن والسب والشتم وضرب النفس لكي يرضى الإمام؟ ولماذا يطعنون في صحابة أكرم الخلق سيدنا محمد وهم الذين أكملوا نشر الدين من بعده وأوصلوه لهم!
- والسؤال: هل كان سيدنا محمد يلطم ويضرب نفسه؟ ولماذا لم يقل نبينا محمد انا شيعي؟
2- الإسماعيليون: لماذا انشقوا عن الشيعة؟
الإسماعيليون هم فرعٌ من الشيعة، لكن السؤال هنا: لماذا حدث هذا الانشقاق؟ هل كان الخلاف حول من هو الإمام الشرعي بعد الإمام جعفر الصادق؟ كيف قرروا أن إسماعيل بن جعفر هو الإمام بدلاً من أخيه موسى الكاظم؟ وما الذي جعل معتقداتهم تتطور لتصبح مختلفةً إلى هذا الحد؟ من أين جاءت فكرة الدعوة السرية والتأويل الباطني للنصوص؟ هل تأثروا بثقافاتٍ أخرى مثل الفلسفة اليونانية أو الغنوصية؟ كيف يمكن أن يدّعوا أنهم مسلمون بينما يركزون على تأويلاتٍ رمزيةٍ بعيدةٍ عن الظاهر؟
- والسؤال: هل كان سيدنا محمد يؤمن بهذه العقائد، وهل كان يكتم الدين أم ينشره؟ ولماذا لم يقل نبينا محمد انا إسماعيلي؟
3- العلويون: ما أصل هذا الغموض؟
العلويين، أو النصيرية كما يُطلق عليهم أحياناً، من أين جاؤوا بدينهم؟ يُعتقد أن أصولهم تعود إلى القرن التاسع الميلادي مع محمد بن نصير، وهو تلميذٌ للإمام الحادي عشر لدى الشيعة الإثني عشرية، لكن هل هم فعلاً امتدادٌ مباشرٌ للشيعة؟ أم أن هناك جذوراً أخرى تضرب في أعماق تاريخ بلاد الشام؟ لماذا يحيطون معتقداتهم بهذا السر الكبير؟ هل كان ذلك لحماية هويتهم في بيئةٍ غالبيتها سنيةٌ أو بسبب طبيعة تعاليمهم الباطنية؟
من أين جاءت فكرة تقديس علي بن أبي طالب لدرجةٍ تجعله محوراً إلهياً تقريباً؟ ولماذا لم يقدسه سيدنا محمد؟ او لماذا لم يُذكر في القرآن الكريم؟ أم أن القرآن الكريم مُحرف بالنسبة لهم؟ لماذا لم يقل سيدنا علي أنه علوي؟ هل قال سيدنا الحسين أبن علي انا علوي؟ هل تأثروا بالمسيحية، التي كانت منتشرةً في المنطقة، أو بالديانات القديمة مثل الوثنية السورية أو الغنوصية؟ كيف تشكّل هذا المزيج الفريد من المعتقدات الذي يجمع بين عناصرَ إسلاميةٍ وغير إسلاميةٍ؟ ولماذا يصرون على أنهم مسلمون رغم هذه الاختلافات؟
- والسؤال: هل قال سيدنا محمد أن علي رضي الله عنه هو إله الكون؟ ولماذا لم يقل نبينا محمد انا علوي؟
4- الدروز: كيف بدأت الحركة؟
الدروز يُطلقون على أنفسهم “الموحدون”، لكن من أين جاءت هذه التسمية؟ هل هم فعلاً فرعٌ من الإسلام، أم أن هناك شيئاً آخر؟ لماذا بدأت حركتهم في القرن الحادي عشر مع الحاكم بأمر الله الفاطمي؟ هل كان الحاكم هو المؤسس الحقيقي لدينهم؟ وكيف تحولت فكرة “التوحيد” عندهم إلى نظامٍ دينيٍّ مغلقٍ؟ من أين جاءت فكرة التقمص التي يؤمنون بها؟ هل تأثروا بالهندوسية أو بأفكارٍ أخرى؟ لماذا يرفضون الكثير من الشعائر الإسلامية التقليدية ومع ذلك يربطون أنفسهم بالإسلام؟
- والسؤال: هل كان سيدنا محمد يؤمن بانتقال الروح من جسد إلى آخر بعد الموت؟ ولماذا قام سيدنا محمد بنشر الدين وفي المعتقد الدرزي الدين يجب أن يكون سرياً؟ ولماذا لم يقل نبينا محمد انا درزي؟
5- اليزيديون: أو الإيزيديين هل هم مسلمون حقاً؟
اليزيديون لغزٌ كبيرٌ، فمن أين جاء دينهم؟ هل هو فعلاً مرتبطٌ بالإسلام كما يدّعي البعض؟ لماذا يتمحور دينهم حول طاووس الملك؟ من أين جاءت هذه الفكرة؟ هل هي مستمدةٌ من الديانات القديمة مثل الزرادشتية أو المانوية؟ كيف يمكن أن يكون لهم طقوسٌ ومعتقداتٌ مختلفةٌ تماماً عن الإسلام ومع ذلك يُربطون به أحياناً؟ هل كانوا في الأصل مسلمين ثم انحرفوا، أم أن أصلهم يعود إلى ما قبل الإسلام؟
- والسؤال: هل كان سيدنا محمد يُقدس الملك طاووس؟ ولماذا لم يقل نبينا محمد انا يزيدي؟
6- الجعفريون: اختلافاتٌ داخل الشيعة؟
الموحدون أو الجعفريون، كما يُطلق على الشيعة الإثني عشرية أحياناً، من أين جاءت خصوصيتهم؟ لماذا أصبحت الإمامة عندهم محوراً أساسياً؟ هل كان هناك تأثيرٌ سياسيٌّ أم دينيٌّ بحتٌ؟ كيف تطورت طقوسهم مثل عاشوراء إلى هذا الحد؟ من أين جاءت فكرة الانتظار للمهدي؟ هل هي فكرةٌ إسلاميةٌ أصيلةٌ، أم أنها تأثرت بمعتقداتٍ مسيحيةٍ أو يهوديةٍ عن المخلّص؟
- والسؤال: هل كان سيدنا محمد يعتقد بالإمامة؟ ولماذا لم يقل نبينا محمد انا جعفري؟
وهناك الكثير من الطوائف الأخرى التي تنسب نفسها للإسلام مثل: الإباضية والصوفية والمعتزلة والإثنا عشرية والخوارج، والكثير من المُسميات؛ لكن لا يشبهوا الإسلام على الإطلاق.
فلم يكن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يرقص في المسجد ولم يكن يضرب نفسه بالسيف لكي يُثبت للناس أن هذا هو الدين الحق، ولم ولم ولم… ويبقى السؤال: من أين أتيتم بدينكم؟
هل عادوا جميعاً إلى السنة ثم انفصلوا؟
هل كان أصل هذه الجماعات جميعاً هو الإسلام الصحيح ثم انشقوا؟ أم أن بعضها كان موجوداً بشكلٍ موازٍ أو تأثر بثقافاتٍ أخرى؟ لماذا نجد تشابهاتٍ بين بعض هذه الطوائف وبين دياناتٍ أخرى؟ هل كان الإسلام مجرد نقطة انطلاقٍ ثم أضافوا عليه؟ كيف يمكن أن يدّعي كل فريقٍ أنه “مسلم” بينما الممارسات والمعتقدات تختلف جذرياً؟
في النهاية، تبقى الأسئلة مفتوحة: من أين جاءت هذه الجماعات بدينها؟ هل كانت الرسالة المحمدية هي البداية الحقيقية لكل هذه الفروع؟ أم أن التاريخ، والسياسة، والثقافات المحلية لعبت دوراً في تشكيلها؟ لا شك أن التنوع موجودٌ، لكن السؤال الفني يظل: كيف تكوّنت هذه الأديان؟ ولماذا يصرّون على ربط أنفسهم بالإسلام رغم الاختلافات الكبيرة؟
ربما تكون الإجابة في التاريخ، أو في النصوص، أو في شيءٍ أعمق من ذلك، كالسلطة والمصالح السياسية التي تقنّعت بالدين، لكن حتى نفهم، يبقى السؤال قائماً: من أين جئتم بدينكم؟
