من هو أول من فتح الأندلس وفي أي عام
التاريخ الإسلامي مليء بالعديد من الانتصارات الخالدة إلى يومنا هذا، فدعونا نتعرف على من فتح الأندلس؟ وكم كان عمره؟ وما هي أسباب الفتح؟
من فتح الأندلس؟
قام بفتح الأندلس القائد المسلم العظيم طارق بن زياد، عام اثنين وتسعون من الهجرة، وذلك عندما قاد جيش المسلمين لـ الأندلس لـ تخليصها من ظُلم حُكامها القوط الغربيين، بالإضافة إلى توسيع رُقعة الدولة الإسلامية، ولذلك سُميت أول منطقة نزل بها بن زياد وجيشه بـ اسمه فيما بعد وأصبح اسمها (جبل طارق)، كما استمر الإسلام بـ الأندلس لما يقرُب من ثمانمائة عام، بعد فوز المسلمين في معركة لكة والتي سوف نتحدث عنها لاحقاً ضمن سياق هذا المقال.
ما هو سبب فتح الاندلس؟
تَمثلت أسباب الفتح لـ الأندلس في إقبال عدد كبير من البربر على اعتناق الدين الإسلامي، بالإضافة إلى تشجيع ملك سَبته (يُليان) المُسلمين على مُهاجمة الأندلُس، وذلك بِسبب خلافاً حدث بينه وبين (الملك لُذريق) الذي قام بالاعتداء على أبنة والي طنجة وقام بـ اغتصابها عندما كانت تُقيم في بلاطه، ومن ضمن أسباب الفتح حاجة المُسلمين لـ توجيه جُهودهم لغزو البلاد الحضرية لتُفيد الدولة الأُموية فيما بعد ولنشرهم الإسلام على أوسع نطاق.
ما هي مراحل فتح الأندلس؟
ترجع فكرة (فتح الأندلس) لـ خليفة المسلمين عثمان بن عفان المُلقب بـ ذو النورين، وبالفعل فَكر القائد (عقبة بن نافع) في عام ثلاثة وستون من الهجرة في اجتياز المضيق لـ فتح إسبانيا ولكن لم يَكتمل الفتح، وفي عهد الخليفة (الوليد بن عبد الملك)، تم مناقشة الفتح الأندلسي مرة أخرى بعدما أقترح موسى بن نُصير على الخليفة خطة الفتح من جديد، وبموافقة بن عبد الملك، كَلف بن نصير القائد طارق بن زياد بقيادة تلك الحملة، و على الرُغم من الوضع المتردي في إسبانيا بهذا الوقت، إلا أن طارق بن زياد لم يشأ أن يُغامر بجنوده، و لذلك أرسل غارة استكشافية مكونة من أربعمائة جندي و مائة فارس لـ (جنوب إسبانيا)، لمعرفة مدى مقاومة أهلها، وتولى قيادة تلك الغارة الاستكشافية (أبي زرعة طريف بن مالك المعافري)، وبالفعل أبحرت الغارة على متن أربعة مراكب وفرها لهم ملك سَبته (يوليان)، وقامت تلك السُفن بحملات عسكرية ناجحة في الجزء الجنوبي من (الجزيرة الأيبيرية)، دون حدوث أي مقاومة تُذكر، وهنا قرر بن زياد أن يبدأ حملته الكبرى في الفتح.
الاستعداد للفتح العظيم
كان طارق بن زياد عسكري مُحنك و مُخلصاً للإسلام، وأراد أن ينشر دعوته في كل بقاع الأرض إن استطاع ذلك، لذلك بدأ في تجهيز جيش المسلمين لهذا الفّتح العظيم، فـ أمر ببناء عدد كبير من السفن وذلك ليتمكن من عبور المضيق الفاصل بين (أفريقية و أوربا)، وبالفعل عبر القائد الشجاع هو وجيشه المضيق واستقر تجاه (الجزيرة الخضراء)، ومنها استطاع أن يُسيطر على الجبل الذي حمل اسمه مُنذ ذلك الوقت، وبعد ذلك تقدم بـ جيشه حتى بلغ (بُحيرة خندة) والتقى الجيشان عند (وادي لكة) عام اثنين وتسعون من الهجرة، ودارت معركة شرسة بينهم وذكر بعض المؤرخين أن القائد طارق بن زياد عند دخول الأندلس، قال لجنوده: (البحر من ورائكم والعدوُّ أمامكم)، كما قام بحرق جميع سُفنه كي يقطع أمل العودة أمام جيش المسلمين، ولا يكون أمامهم سوى النصر أو نَيل الشهادة.
ما هي تفاصيل معركة وادي لكة الفاصلة؟
سميت المعركة باسم الوادي الذي وقعت فيه، والمعروف باسم (نهر لكة)، كما سُميت أيضاً بأكثر من اسم كـ معركة (وادي بكة وشري والسواني والسواقي ومعركة كورة شذونة)، بدأت المعركة بـ تواجه الجيشين قرب الجزيرة الخضراء في الأندلس، واستطاع جيش المسلمين أن يهزم القوطيين وقتل قائدهم (بنشيو)، ومن بقي من جيش القوط هَرب لـ (لذريق) لكي يخبروه بما حدث للجيش وكيف استطاع المسلمون التغلب عليهم، وعندما علم لذريق بما حدث أمر بتجهيز جيشه الذي كان عدده مائة ألف مُقاتل تقريباً، لذلك طلب بن زياد من بن نُصير المدد فـ أرسل له خمسة آلاف جندي على متن السفن لكي يُساعدوا جيش المسلمين في الفتح.
اختيار أرض المعركة
بدأ طارق بن زياد في إعداد الجيش و أراد أن يختار أرضاً مناسبة تُقام عليها المعركة، فوقع اختباره على وادي لكة بسبب وجود عدد من الأبعاد الاستراتيجية، والتي بدورها ستكون عامل أساسياً للنصر بأذن الله، لذا أحاط طارق بن زياد بظهر جيشه وميمنته جبل شاهق، ومن أمامه وضع فرقة قوية بقيادة (طريف بن مالك) لتمنع أن يلتف حول جيشه جيش لذريق، أما عن يساره فـ حمته بحيرة كبيرة، وترك الشمال ليواجه منه جيش لذريق، والتقى الجيشان يوم الثامن و العشرون من شهر رمضان عام 92 هجرياً، وأثناء المعركة قرر بعض المناهضين لـ لذريق أن يقوموا بالتخلص منه، ولذلك انضموا لجيش المسلمين و استمرت المعركة بمنتهى الشراسة لمدة ثماني أيام، و انتهت بنصر ساحق لجيش المسلمين، ويقال إن لذريق قُتل وهناك آراء أخرى ذكرت أنه هَرب بعد هزيمته، و هناك من يقول إنه غرق في البحيرة.
السَير نحو فتح قُرطبة والأندلس وباقي مُدن إسبانيا
بَعد انتصار جيش المسلمين على الجيش القوطي، توغَل القائد طارق بن زياد بجيشه في أنحاء إسبانيا وتمكن من فتح (مدينة قُرطبة) و(طليطلة) عام ثلاثة وتسعون من الهجرة، ومن بعدهم استطاع القائد العظيم من فتح مدينتي (شذونه و البيرة) وغيرهم من المدن، و هذا ما شجَّعه أن يكتب لـ موسى بن نصير بما حققه من انتصارات لجيش المسلمين، وفي النهاية أنعم الله على المسلمين بـ فتح الأندلس، بل وامتدت الفتوحات إلى (برشلونة) شرقاً و(أربونا و قادش) في الجنوب، و(جليقية في الشمال الغربي)، و اجتمع بعد ذلك موسى بن نصير و طارق بن زياد، في (مدينة طلبيرة) لدراسة ما تم إنجازه في هذا الفتح، بالإضافة إلى ما سيتم فتحه من البلاد في المستقبل القريب، واستطاع القائدين أن يقوموا بفتح (مدينة سرقسطة في إقليم أرغوان)، كما اخترق موسى بن نصير (جبال البرينييه) الفاصلة بين إسبانيا وفرنسا، وتم فتح (قرقشونة و ناربون)، و (وادي نهر الرون) حتى (مدينة ليون).
ما هي أكثر أسئلة شائعة عن فتح الأندلس؟
هناك بعض الأسئلة الشائعة والتي يبحث عن إجابتها العديد من القارئ، إليكم أهمها:
من فتح الأندلس مع طارق بن زياد؟
فُتحت الأندلس من خلال جيش المسلمين وبمساعدة من ملك سبته، وبعد ذلك ساعد القائد موسى بن نُصير القائد طارق بن زياد في فتح ما تبقى من مُدن إسبانيا كما ذكرنا لكم في الفقرة السابقة.
في عهد من فتحت الأندلس؟
فُتحت الأندلس في عهد الدولة الأموية وتحديداً وقت خلافة (الوليد بن عبد الملك بن مروان)، وبعد انتهاء الفتح استدعى الخليفة كلاً من القائدين بن نصير و بن زياد إلى الشام، ويُقال أن القائدين ابتعدا عن الساحة السياسية واكتفيا بهذا النصر، إلا أن وفاتهم المَنية.
كم كان عمر طارق بن زياد عند فتح الأندلس؟
أختلف المؤرخون في سنة ميلاد طارق بن زياد، فـ يُقال أنه ولد عام خمسون من الهجرة، وهناك رأيٍ آخر ذكر أن بن زياد ولد عام سبعة و خمسون من الهجرة، و لو افترضنا بأن طارق بن زياد ولد عام سبعة وخمسون من الهجرة، فـ كان عمره عند فتح الأندلس حولي ثلاثة و ثلاثون عاماً.
كم سنة حكم المسلمون الأندلس؟
ذكر الباحثين أن حُكم المُسلمين لـ الأندلس دام لمدة ثمانية قرون تقريباً، وانتهى حكمهم بعد سقوط (غرناطة) في أيدي الإسبان الصليبيين عام 897 هجرياً.
كيف كانت نهاية فاتح الأندلس؟
بعدما تعرفنا معكم عن من فتح الأندلس، دعونا نبحث عن نهاية تلك الشخصية الإسلامية العظيمة، فكما ذكرنا لكم في المقال السابق والذي تحدث بـ استفاضة عن القائد طارق بن زياد، والذي قيل عنه المؤرخين إنه فَضّل أن يعيش ما تبقى من عمره خارج المسرح السياسي وعاش في زُهداً إلى أن توفاه الله، ولكن في مقال اليوم سوف نتطرق معكم لـ احتمالاً آخر ذكره الباحثين حول موت بن زياد.
هل تخلص سليمان بن عبد الملك من طارق بن زياد؟
يُقال عندما تولى (سليمان بن عبد الملك) الخلافة بفترة قصيرة، كان يُريد نسب فتح الأندلس لـ نفسه، لذلك أراد أن يتخلص من قائدي الفتح، ولذلك عزل بن نُصير بعد أن قتل ابنه عبد العزيز بن موسى والذي كان أحد قادة الفتح الأندلسي، بينما لم يُسمع شيء عن طارق بن زياد الذي دخل القصر ولم يخرج منه، والأقرب لـ الصواب ما رجحه المؤرخون بأن بن زياد قد قُتل ورُمي للضباع التي كان يربيها الخليفة سليمان بن عبد الملك في سراديب قصره، وبأن قصة موت طارق بن زياد فقيراً ومتسولاً في شوارع دمشق ما هي إلا مُجرد أكذوبة اختلقَها من يُريد أن يمحي الحقيقية، فـ رواية الزهد أو التسول لا أساس لهما من الصحة، ودفع بن زياد ثمن وفائه للخليفة الذي منحه ثقته حتى النهاية، ولم يشفع له ذلك أمام سليمان بن عبد الملك الذي عُرف عنه حقده وجرائمه، و في النهاية هذا رأي يُمكن أن يَحمل الصواب أو الخطأ والله أعلى وأعلم.