قصة نزول الوحي على الرسول محمد (ص)
قصة سيهتز لها قلبك رجفاً وينشرح لها صدرك، قصة نبوءة أعظم خلق الله، تعرف على ملخص نزول الوحي على رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام
ما هي قصة نزول الوحي على الرسول؟
قصة نزول جبريل عليه السلام على النبي محمد عليه الصلاة و السلام، من القصص المأثورة والعظيمة والتي تأسر قلبك في تفاصيلها وتخشع الصدور لها، إذ أنه وقبل نزول جبريل عليه السلام على النبي محمد، كانت هناك الكثير من الإشارات التي تدل على أمر النبوة العظيم، فقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كان أول ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه وهو التَّعَبُّدُ اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ)، رواه البخاري، ومنه نتبين أن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام قد أحب الخلاء دائماً قبل مجيء الوحي، لك يبتعد عن الناس وعن الباطل، فكان يفضّل الجلوس في غار حرّاء ويبقى به لأيامٍ، متأملاً ومتفكّراً في خلق الكون، وحينما يأخذه الشوق لأهله، يعود إليهم، كما أنه كان لا يرى حلماً إلا ويتحقق، فكانت تلك الإشارات الأولية للنبوءة العظيمة.
كيفية نزول الوحي
وفيما استمر النبي محمد في خلوته وتفكّره بخلق الكون بـ غار حرّاء يتأمل كعادته، كانت تلك الليلة هي الليلة المنشودة، والتي بها تبينت جميع الإشارات التي كانت تأتي لرسولنا الكريم، وتوضحت بها الأمور، إذ أنها كانت ليلة نزول الوحي، إذ نزل عليه جبريل عليه السلام، على هيئة بشرً، فلم يعرفه رسولنا الكريم، وقال له جبريل إقرأ)، حينها أجاب النبي ما أنا بقارئٍ)، وليس القصد هنا هو رفض الأمر، إنما معناه أن رسولنا الكريم كان أُمّياً ولا يستطيع القراءة، وهنا قام جبريل بضم الرسول ضمةً قويةً أتعبته، وأعاد عليه القول، (اقرأ)، فكرر الرسول قوله السابق، فأعاد جبريل ضمه، وكرر القول اقرأ)، ليعيد الرسول ذات الإجابة، ثم قال له جبريل عليه السلام اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).
موقف السيدة خديجة مع الرسول عند نزول الوحي
ارتجف قلب النبي مما حدث، وذهب مسرعاً إلى زوجته خديجة رضي الله عنها، وكان في ملامحه ما يوضّح أنه خائفاً، فيما هو يرتجف قال لها (زمّلوني، زمّلوني)، وما يعنيه أنه يطلب أن يغطّوه، فقامت خديجة بتغطيته، ثم هدأ خوفه قليلاً، وروى ما حصل له لزوجته، فعملت جاهدة على تهدئته، وذكر خصاله الحميدة في مساعدة الفقراء، وإغاثة الملهوف، ووصل الرحم، ثم أخذته خديجة قاصدةً ابن عمها (ورقة بن نوفل) لتقصّ عليه ما حصل للنبي محمد، فقال لهم ورقة: (قدّوسٌ، قدّوس، والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس الذي كان يأتي موسى) ثم قال: (ولَتُكَذَّبَنّ، ولَتُؤذَيَنّ، ولَتُخرَجَنّ، ولَتُقاتَلَنّ ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرنّ الله نصراً يعلمه)، مبيناً من هذا أنه وحيٌ نزل إليه كما نزل لسيدنا موسى قبله، وأن نبي يبعثه الله تكون معاملة قومه له مثلما بيّن له.
كم كان عمر الرسول عند نزول الوحي؟
أطبق العلماء على قولٍ موحدٍ، وهو الصحيح عند جميع أهل العلم والسير والأثر، آلا وهو أن عمر النبي محمد عليه الصلاة والسلام عند نزول الوحي كان أربعين عاماً.
ماذا كان يعبد الرسول قبل نزول الوحي؟
هناك عدة آراء، فيما يتساءل عنه الكثيرون، والذي يتمحور حول دين النبي محمد قبل نزول جبريل عليه السلام، وفيما بينت الآراء أنه لم يكن من أهل الشرك، إنما كان يتعبد على دين جده (إبراهيم الخليل) دين الحنيفية، ومنهم من يقول أنه كان يتعبد على دين الإسلام الذي جاء به فيما بعد، ولكنه لم يعمل على تبليغ تلك الأحكام حتى نزول الوحي، أما عن الرأي الثالث، فهو يبين أن رسولنا لم يتبعد أي شريعة مما أتى به الأنبياء من قبله ولكنه كان على ملة جده إبراهيم الخليل.
ما هي طرق نزول الوحي؟
إن مراحل نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي بحسب تسلسلها كالتالي:
الرؤية الصادقة
وهي الرؤية التي كانت تأتيه على هيئة أحلام فتتحقق، وتأتي مثلما أتته في المنام، وفي هذا بنيان لتهيئة النبي على تنزيل القرآن عليه وهو يقظ القلب، و كان أول ما بدأ من الوحي هو الرؤية الصادقة واستمرت مدة ستة أشهر قبل نزول النبوءة التامة إليه.
نزول الوحي بهيئة رجل
حيث كان هيئة جبريل عند نزول الوحي بأن ينزل بهيئة الصحابي (دحية الكلبي) وهو صحابي جسيماً أبيضاً، وفي هذا تفسيراً لقول أن دحية يشبه جبريل عليه السلام، وعليه نبين، أن الصحابي الجليل أسامة رضي الله عنه قد قال: (أنَّ جِبْرِيلَ، أتَى النبيَّ – صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – وعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: مَن هذا؟ أوْ كما قالَ، قالَتْ: هذا دِحْيَةُ، فَلَمَّا قَامَ، قالَتْ: واللَّهِ ما حَسِبْتُهُ إلَّا إيَّاهُ، حتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ، أوْ كما قالَ).
تصديق علامات النبوءة
وهي العلامات التي ظهرت لرسولنا الكريم وتدل على نبوته ونزول الوحي عليه، ومنها:
- توقيت الرسول عليه الصلاة والسلام لمواقيت مكانية لم تكن قد فتحت أبداً.
- انشراح صدر النبي لأشخاصٍ لا يعرفهم فيكونوا خير الناس حقاً.
- خبر نبوته في الكتب السماوية، والذي تجده في التوراة، بالإضافة إلى خبر صفاته وصفات أمته.
- نقل خبر نبوءته إلى الذئب، وذلك عندما أخبر ذئباً إعرابياً بخبر سيدنا محمد، فذهب الإعرابي إلى محمد ليقصّ عليه ما حدث، فقال له نبينا الكريم والَّذي نفسي بيدِهِ لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى تُكلِّمَ السِّباعُ الإنسَ، وحتَّى يكلِّمَ الرَّجلَ عذبةُ سوطِهِ، وشراكُ نعلِهِ، وتخبرَهُ فخِذُهُ بما أحدثَ أَهلُهُ بعدَهِ).
- إخبار النبي بكيفية بدء الخلق والبشرية، والجنة والنار، وفي هذا أحاديث كثيرة تثبتها.
- إعلام النبي عن أحداث قادمة ستحدث، تبينها قبل حدوثها.
- إعلام النبي عن جميع خوارج آخر الزمان ودلالاته.
رؤية النبي لجبريل عليه السلام بهيئته الملائكية
وهذا بعد إعلامه بالنبوة، حيث ثبت في القرآن الكريم أن رسول الله كان يرى جبريل عليه السلام بهيئته الملائكية كما هي، وقد حدث هذا لمرتين، مرةً في غار حراء، وما ذكر أنه قد سد أفق السماء بجناحيه، فكان له ستمائة جناح، والثانية كانت في ليلة الإسراء والمعراج.
صلصلة الجرس
وتلك كانت من أشد العلامات إليه، فعن عائشة رضي الله عنها، أن الحارث بن هشام رضي الله عنه قد سأل رسول الله: (يا رسولَ الله، كيف يأْتِيكَ الوَحْيُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحْيانًا يَأْتِيني مِثْلَ صَلْصَلَة الجَرَس، وهو أَشدُّه عليَّ، فيَفْصِمُ عنِّي وقد وَعَيْتُ عنه ما قال، وأحيانًا يتمثَّلُ لي المَلَكُ رَجُلًا فيُكَلِّمُني فأَعِي ما يقول)، فقالت عائشة رضي الله عنها: (ولقد رأيتُه ينزِل عليه الوَحْيُ في اليومِ الشديدِ البرْدِ، فيَفْصِمُ عنه وإنَّ جَبِينَه لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا).
وفيه المقصد أن الوحي حينما ينزل على نبي الله، ويأتيه مخاطباً، فيكون صوت الملك أشبه بصوت جرسٍ قوي، مما يغشي على رسولنا الكريم كرب شديد لشدة صعوبته عليه، ويأتيه بهذا الصوت لتفريغ أذنه من صوت الدنيا ويفرّغ له حواسه فلا يسمع شيئاً سواه.
الإلهام
وبه يأتي أمر الله أو رسالته دون نزول الوحي إنما على هيئة إلهام يأتي رسولنا الكريم، ودلالة ذلك ثبتت في القرآن، في قوله تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِين).
التكلم معه من وراء الحجاب
فيسمع بهذا الموحى إليه كلام الله تعالى من وراء الحجاب دون أن يراه، وفي دلالة هذا، قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ).