نساء ملهمات غيرنَ مجرى التاريخ
لن يغفل التاريخ ولو لحظة عن ذكر الدور الكبير للنسوة في المجتمعات، وعليه نقدم لك قائمة بأسماء نساء ملهمات أحدثت ضجة على مر التاريخ.
نساء ملهمات اجنبيات
المرأة هي الوجه الآخر لنجاح الأمم، ولأن التكامل بين الجنسين أمراً مهماً على مختلف الأصعدة كان لهذا التكامل أثر كبير ومهم للمرأة والتي بدورها عملت على إثبات أن المناداة بهذا التكامل والمساواة لم يكن عن عبثية مفرطة، محاولةً بهذا أن تدمغ نفسها في المجتمع مثبتة جدارتها لتجعل خيار المساواة جديراً بأن يُنادى به إلى أبد الآبدين، لذا عند التعمق في تاريخ الأمم نجد أن المرأة برزت بقوة وتركت بصمتها مؤرخة بهذا دورها عن جدارة مطلقة، ومن أهم تلك النساء الناجحات اللاتي غيّرنَ مجرى التاريخ نجد:
ماري كوري
عالمة فيزياء وكيمياء بولندية الأصل، ولِدت في (وارسو) عام 1867م، واكتسبت الجنسية الفرنسية خلال سنوات حياتها، وتعد أول امرأة حاصلة على جائزة نوبل لمرتين وفي مجالين مختلفين، إحداها كانت للفيزياء والأخرى في مجال الكيمياء، وقد اشتهرت بأبحاثها في مجال اضمحلال النشاط الإشعاعي، وبهذا كانت ماري أول امرأة قد تبوأت مرتبة الأستاذية في جامعة باريس، ومن أهم اكتشافاتها كان اكتشاف عنصري (البولونيوم و الراديوم) وتحت إشراف ماري تم إجراء أول دراسة لمعالجة الأورام باستخدام النظائر المشعة، و تلى هذا تأسيسها لمعهد (كوري) في باريس وفي وارسو أيضاً، لتكون بهذا أحد أعظم النساء اللاتي غيّرن مجرى التاريخ وأحدثن ضجة كبيرة به.
آدا لوفلايس
كاتبة وعالمة رياضيات، وتعد أول مبرمجة كمبيوتر على الإطلاق، وانقلبت حياتها رأساً على عقب عندما تعرفت على العالم (تشارلز بابيج) رغم أنه يكبرها سناً، ونشأت بينهما صداقة قوية وعملت كمترجمة خاصة له، وفي تلك الفترة كان بابيج يعمل على تطوير محرك الفرق والمحرك التحليلي، وحينها بدأت الرؤى تتوضح لدى آدا أكثر مما تتوضح لدى بابيج، لتنشر بهذا أول خوارزمية يمكن لهذه الآلة أن تقوم بها، فضلاً عن كونها أول مبرمجة كمبيوتر مما جعلها من أهم الشخصيات التاريخية في مجال الحوسبة.
أليس ميليات
لاعبة التجديف الفرنسية آليس، من مواليد عام 1884م، والتي تعد من الشخصيات الغير معروفة نسبياً رغم ما أحدثته ضمن أوساط الرياضة النسائية، إذ أنها تعتبر من أوائل المدافعات عن حقوق المرأة في مجال الرياضة النسوية وذلك بسبب كرهها لاستبعاد النساء من المسابقات الرياضية الدولية ورؤيتها الكبيرة لأحقيتهم في المشاركة وقدراتهم المتساوية مع الرجال، لتنظم بهذا أليس أول دورة ألعاب نسائية بعد ضغطها المكثف على لجنة الأولمبياد الدولية وأصبحت بهذا رئيسة الاتحاد النسائي الرياضي، وتدريجياً بدأ دمج الألعاب النسائية في المسابقات الدولية، وكل هذا يعود فضله إلى أليس التي آمنت بحق المرأة في المشاركة مثلها كمثل الرجل في الألعاب الأولمبية.
بيولا لويز هنري
مهندسة ورائدة أعمال أمريكية ومخترعة، من مواليد (رالي) في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1887م، عملت بجد من أجل تحسين الحياة اليومية وذلك من خلال ابتكار أكثر من مئة اختراع مثل ماكينة الخياطة الخالية من البكرة، و ثلاجة الآيس كريم المفرغة من الهواء، وفتاحة العلب، فضلاً عن تأسيسها لشركتين خاصتين بها وعملها كمستشارة لدى شركات أخرى.
بيسي كولمان
طيّارة مدنية أمريكية من أصل أفريقي، ولدت عام 1892م، وتعد أول طيارة من أصل أفريقي تحصل على رخصة طيّار دولية، وذلك بعد تعرضها للتميز العنصري في الولايات المتحدة مما دفع بها للانتقال إلى فرنسا والانضمام لمدرسة الطيران من أجل الحصول على رخصة طيّار، لتعود بهذا إلى الولايات المتحدة وهي محققة لهدفها آنذاك وشامخة الرأس لكونها دحضت العنصرية والاستخفاف بحق وقدرات الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية، وأصبحت طيّارة حركات بهلوانية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إنها عملت على جمع الأموال لبدء مدرسة خاصة لتدريب الأمريكيين من أصل أفريقي، أملاً منها بأن تفتح السبل أمامهم للحصول على الفرص.
نساء ملهمات عربيات
لا يمكن أن يغفل التاريخ عن دور النساء العربيات العريق، ذلك لكونهم أحدثوا تغييراً جذرياً فيما يخص المرأة و الرؤية السائدة عنها، وخاصةً أن المجتمعات العربية تجد أن دور المرأة يقتصر على أمور معينة، ولكن ها هو التاريخ أمامك يعرض لك أنها تتخطى بقدراتها عنان السماء وتبلغ النجوم بسهولة، إليك أبرز تلك النساء ممن عملن على تغيير مجرى التاريخ:
لطيفة النادي
عند البحث عن نساء ملهمات ونساء ناجحات نجد أن لطيفة النادي واحدة من أبرزهن وهي طيارة مصرية، سويسرية من مواليد عام 1907م، وتعتبر من النساء اللاتي غيّرن الصورة النمطية عن المرأة ومحدودية قدراتها، إذ أن لطيفة النادي هي أول إمرأة من قارة أفريقيا تحصل على إجازة الطيران وذلك في عام 1933م، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إنها كانت أول امرأة مصرية تقود طائرة في رحلة بين القاهرة والإسكندرية، فضلاً عن كونها ثاني امرأة في العالم تقود طائرة منفردة، وهذا يجعل لطيفة من النسوة اللاتي أحدثن تغيير جذري حول المفهوم السائد عن المرأة واستطاعت بهذا أن تضع مفهوم أحدث يحكي قصة نساء قادرات على أن يمتهنّ وظائف معقدة.
نازك العابد
مُناضلة سورية من مواليد دمشق عام 1887م، قامت بقيادة الحركة النسائية للمطالبة بإعطاء المرأة السورية حقوقها السياسية، ولعبت دوراً ريادياً أساسياً في تأسيس عدد من الجمعيات النسائية والمطبوعات، كما أنها شاركت في معركة ميسلون التي جرت ضد الاحتلال الفرنسي وذلك لكونها كانت رئيسة جمعية النجمة الحمراء.
سميرة موسى
أول عالمة ذرة مصرية، وأول من حصل على دكتوراه في الإشعاع الذرّي، يتبع ذلك أنها أول امرأة عربية تحصل على شهادة الدكتوراه، سميرة موسى أو الملقبة بـ (مس كوري الشرق) هي من مواليد 1917م في (بسنبو الكبرى) التابعة لمركز (زفتى) في محافظة الغربية في مصر، حيث عملت على إجراء البحوث الخاصة في مجال الطاقة النووية لخدمة البشرية بدلاً من الاستخدام التعسفي لها ضد البشرية، وكانت ممن أسسوا هيئة الطاقة الذرية وذلك بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان قيام إسرائيل.
جميلة بوحيرد
عند البحث والتقصي عن نساء ملهمات في الجزائر، نتصادم مع واحدة من أهم المناضلات في تاريخ الجزائر، جميلة بوحيرد اسم علم لا ينضب، وهي مناضلة ومقاومة جزائرية، من مواليد عام 1935م، وكانت واحدة من اللواتي قاومنّ بشراسة ضد الاحتلال الفرنسي وذلك في أواخر القرن العشرين، عملت على الانضمام إلى جبهة التحرير الجزائرية بغية النضال ضد الاحتلال وكان دورها يقتصر على أن تكون صلة وصل بين قائد الجبل ومندوب القيادة، وبسبب بطولاتها عمل الاحتلال على مطاردتها إلى أن أصابها برصاصة أضعفتها عن إكمال مسيرتها، وذلك عندما وقعت تنزف دماً مما دفع بالقوات الفرنسية لأن تستغل هذا و تتصيدها ومن ثم عملت على تعذيبها بأبشع الأساليب من الصعق الكهربائي إلى الضرب وغيره في محاولةٍ منهم لأن يدفعوها للاعتراف عن زملائها الآخرين، ولكنها تماسكت ورفضت الخضوع إلى أن قرر الاحتلال محاكمتها بشكل صوري فصدر حكم الإعدام بحقها.
في يوم تنفيذ الإعدام، نطقت بوحيرد بجملتها الشهيرة، وفحواها كانت:
أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا إنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة.
وفي الخارج كان العالم يثور ويستنكر فكرة إعدام صوت الحق والحرية التي تنادي به هذه المرأة إلى أن خضع الاحتلال للمطالبات الجمة التي تنادي بإلغاء حكم الإعدام وقرر سجنها لمدى الحياة، ولكن بعد تحرير الجزائر، تمكنت بوحيرد من الخروج والتحرر من قيود السجن لتكون بهذا أشهر مناضلة ورمز للمقاومة في الجزائر.
زها حديد
دعني أخبرك أن البحث عن نساء ملهمات في تاريخنا الحديث هذا لن يغفل عن ذكر أهم المعماريات في تاريخ العالم والتي دمغت إبداعها في كثير من الدول وهي، زها محمد حسين حديد اللهيبي، معمارية عراقية بريطانية، من مواليد بغداد عام 1950م، ووالدها (أحمد حديد) أحد قيادي الحزب الوطني الديمقراطي العراقي، تميزت زها بأسلوبها المعماري العصري متأثرة بذلك بأعمال المعماري البرازيلي (أوسكار نيماير)، لتبدع أكثر زها في هذا المجال وتتفرد بالإبداع المعماري الذي جمع بين الخيال والمثالية بحيث تجعلك للوهلة الأولى ترى أن تلك الدعامات المعمارية التي تحددها زها غير قابلة للتطبيق على الواقع نظراً لكونها شديدة الغرابة ليأتي متحف العلوم في (فولفسبيوج) شمال ألمانيا، ويقلب الموازين ويلغي جميع تلك الادعاءات الكاذبة، لتبدأ في صناعة مجد جديد وصورة أحدث للمعمار العصري وتنجز بهذا العديد من الأعمال المعمارية التي جعلتها تفوز في المسابقات المعمارية المختلفة.
ومن أهم أعمال زها نجد محطة إطفاء الحريق في ألمانيا، ومتحف الفن الحديث في أمريكا ومركز الفنون الحديثة في روما، ومعرض منطقة العقل في الألفية بألمانيا، وجسر الشيخ زايد في الإمارات، ومحطة قطار في ألمانيا، والكثير من الأعمال التي لاقت صدى جماهيري وإعجاب كبير من قبل كبار المعماريين في العالم.
هند الحسيني
هند طاهر الحسيني واحدة من أهم أعلام التربية والاجتماع في فلسطين، من مواليد القدس عام 1916م، وهي مربية فاضلة وامرأة مقاومة ومناضلة عملت على تكريس كامل حياتها لخدمة ورعاية اليتامى والفقراء وأبناء الشهداء وأنشأت جمعية التضامن الاجتماعي النسائي في القدس، وعملت على جمع أكثر من 55 طفلاً ممن نجوا من مذبحة دير ياسين فأنقذتهم و حاولت أن تحتويهم رغم عدم امتلاكها سوى 138 جنيهاً حينها، وبعد فترة عملت على توزيعهم على المدارس لكي يتلقوا تعليمهم وساهمت بإنشاء مراكز محو الأمية وأسست كلية هند الحسيني للبنات وهي الكلية الوحيدة التي تستقبل طالبات فقط، وغيرها من الأعمال الكثيرة التي جعلتها واحدة من أفضل المربيات الأفاضل المخلصة لوطنها وأهلها، وهنا نصل للختام وندرك أن التاريخ عمل على ذكر أسماء نساء ملهمات كان لهم أثراً واضحاً وجلياً في تغيير النمطية السائدة عن دور المرأة المحدود، ليُحدث مفهوماً أكثر نضجاً يعبر القارات منادياً بأن المرأة هي كمال الأمم والحضارات.