نظرية روجر سبيري للتعريف بشقّي المخ

الدماغ، ليس كتلة واحدة، إنما شقّين منفصلين لكلٍّ منهما وظائف معينة، مما يعني أننا نمتلك دماغين، فهل هذا صحيح؟ تعرّف على نظرية روجر سبيري حول نصفي الدماغ.

نظرية روجر سبيري

(روجر ولكرت سبيري) هو عالم أعصاب أميركي، ولد سنة 1913 في (هارتفورد) في ولاية (كونتيكت) بالولايات المتحدة الأميركية، وكان تخصصه الوظيفي الأبرز هو ما قدّمه من أبحاثٍ في نِصفي الكرةِ المُخيّة.

تحوّل اهتمامه من فكرة البحث حول تجديد الألياف العصبية إلى وظائف المخ، حيث بدأ بعمل أبحاثه على الحيوانات ثم على مرضى الصرع، وعَمد على تقسيم أدمغة البشر إلى نصفين، أي أنه كان يجد أن البشر لديهم عقلين!!.

أما عن تفاصيل نظرية نصفي الدماغ والأبحاث الخاصة بها

فقد بدأت القصة في ستينيات القرن العشرين، عندما قام (سبيري) وزملاؤه بعمل تجارب مكثفة على مريض صرع، حيث قاموا بفصل الجسم الثفني أي (الجسر) الذي يربط نصفي الكرة المخية اليمنى باليسرى.

وعندما تم فصل الجسر، انقطع الاتصال، وبدا أن المريض طبيعياً ولكنه غير قادر على تسمية بعض الأشياء وغير قادر على القيام ببعض الأنشطة مثل تجميع المكعبات، وبالطبع سبب هذا الأمر هو (ارتباط العين اليمنى بالدماغ الأيسر، واليد اليسرى تتصل بالدماغ الأيمن).

وهذا ما جعل سبيري يكتشف أن الجزء الأيسر من الدماغ مسؤول عن اللغة، كما أن كل نصف كرة من الدماغ مسؤول عن الحركة والرؤية على الجانب المقابل من موقع هذا النصف، “أي أن الجزء الأيسر مسؤول عن حركة اليد اليمنى والعين اليمنى، والعكس صحيح”.

ووجد أن الجسم الثفني من شأنه عمل ارتباط وثيق واتصال جيد بين النصفين، لكن البعض أظهر ردود أفعال عادية وطبيعية عندما كان الجسم الثفني لديه غير سليم “أي مقطوع”.

لذا عَمد على إجراء تجارب على القطط ذات الدماغ المشقوق، فقام بإغلاق إحدى عينيها وقدم لها قطعتين، ثم قام بأغلاق العين الأخرى وإزالة رقعة العين الأولى وقدم لها مجدداً ذات القطعتين، إلا أن القطة تذكرت القطعتين بشكل منفصل ولم تستطيع التمييز بينهما عندما كانت كلا عينيها مفتوحتان.

وعندما قام بهذه التجربة على البشر المصابين بجسم ثفني مقطوع، قام بعرض كلمة أمام إحدى العينين، ووجد أن من يعاني من انفصال الدماغ لا يمكنه تذكر الكلمة إلا برؤيتها بالعين اليمنى، وهذا ما جعله يخلص إلى أن النصف الأيسر من الدماغ هو المسؤول عن اللغة ويقوم بالتعرف على الكلام وتحليله وتذكر اللغة أيضاً.

وذلك لأنه طلب من المشاركين أيضاً أن يضعوا صوب أعينهم شيئين أحدهما مخصص للعين اليسرى والآخر لليمنى وطلب منهم رسم الشيء ووصفه، فرسموا ما رأوه بالعين اليسرى، ولكنهم وصفو الشيء الذي رأوه بالعين اليمنى.

أما بالنسبة لنصف الدماغ الأيمن، فقد قام سبيري بعرض أدوات داخل صندوق أمام المشاركين، وطلب منهم وضع أيديهم اليسرى وتناول شيء من هذه الأدوات ثم عرض عليهم كلمة تصف أحد تلك الأدوات على مجال بصرهم الأيسر، فلاحظ أن غالبية المشاركين التقطوا الشيء من الصندوق ولكنهم لم يستطيعوا معرفة اسمه أو معرفة سبب إمساكهم له!!.

هذا جعل سبيري يصل إلى أن نصف الدماغ الأيمن لديه بعض القدرة على التعرف على اللغة ولكنه لا يستطيع أن يساعد على نطق الكلام، وكل هذا خَلُص إلى أن معظم تلك الأبحاث والتجارب تُشير إلى أن الدماغ يعمل بنصفي الكرة المخية بشكل منفصل كدماغين مختلفين.

ليحصل بهذا هذا الاكتشاف على جائزة نوبل في الفسيولوجيا عام 1981، واصفاً شقّي الدماغ بأن النصف الأيسر مسؤول عن اللغة والنطق وتذكره، بينما الأيمن يمكنه فقط التعرف على الكلمة دون نطقها.

المصدر: The Nobel Prize + PBS.org + Britannica + StudySmarter.

هل كان المحتوى مفيداً؟

نعم
لا
شكراً لملاحظاتك.

فريال محمود لولك

الكتابة هي السبيل للنجاة من عالمٍ يسوده الظلام، ننقل بها سيل المعلومات لتوسيع مدارك القارئ المعرفية، أنا فريال محمود لولك، من سوريا، خريجة كلية التربية اختصاص معلم صف، وكاتبة منذ نعومة أظفاري، من وحي المعاناة وجدت في الكتابة خلاصي، ورأيت بها نور الله الآمر بالعلم والمعرفة، فاقرأ باسم ربك الذي خلق. فإن القراءة هي الطهارة لعقلك من كل جهل.
زر الذهاب إلى الأعلى